ماقصة سيدنا موسى عليه السلام مع الحجر؟؟
لقد كان في شريعة بني إسرائيل أنه يجوز أن يغتسل الرجال عُراة ينظر بعضهم إلى بعض .
ولكن نبي الله موسى (عليه السلام) كان شديد الحياء فكان يستحي أن يغتسل أمامهم ولذلك كان يغتسل وحده بعيداً عن أعين الناس ولا يُبدي أي شيء من جسده ولا عورته .
ونحن نعلم أن الحياء خُلق كريم من أخلاق الإسلام ، وكان رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خدرها ، بل كان يحض المسلمين على الحياء ويقول : ((الحياء كله خير)) .
وفي يوم من الأيام أشاع بعض الجُهّال من بني إسرائيل أن موسى (عليه السلام) لا يغتسل وحده حياءً من الناس .. وإنما يفعل ذلك لوجود عيب في جسده لا يريد أن يطلع الناس عليه .
فلما علم موسى (عليه السلام) بهذا الكلام تأذّى وأحسّ بشيء من الحزن والضيق .
ونحن نعلم أن نبي الله موسى (عليه السلام) له مكانة عظيمة عند الله (جلا وعلا) فهو رسول من أُولي العزم الخمسة الذين هم أفضل الرسل ، وهم : ( نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات ربي وسلامه عليهم ) .
والرسل في أعين الناس ونظرهم يجب أن يكون في أبهى صورة من جمال الخَلق والخُلق .
والله (عز وجل) لا يرضى الأذى لرسوله فكان لا بد من تهيئة الأسباب لتبرئة نبي الله موسى (عليه السلام) من تلك الإشاعة.
وجاءت اللحظة الحاسمة التي برّأ الله فيها موسى (عليه السلام) من تلك الإشاعة .
فقد ذهب بنو إسرائيل يغتسلون كالعادة عُراة ينظر بعضهم إلى بعض .
وذهب موسى (عليه السلام) يغتسل بعيداً عنهم حتى لا يراه أحد .
ووضع ثيابه على الحجر ونزل الماء ليغتسل ، فلما إنتهى من إغتساله خرج من الماء ليأخذ ثيابه من على الحجر ليلبسها وإذا بالمفاجأة التي لا تخطر على قلب بشر .
لقد أخذ الحجر ثياب موسى (عليه السلام) وطار وفّر بها .
ونحن نعلم يقيناً أن الحجر لا يستطيع أن يتحرك أو يطير لأنه جماد ولكن الله (جلا وعلا) جعله يطير بطريقة لا نعلمها وذلك لحكمة جليلة ألا وهي تبرئة موسى (عليه السلام) مما نسبه الناس إليه .
لم يكن موسى (عليه السلام) يتخيل أبداً أن يطير الحجر بثيابه فما كان منه إلا أنه ظل يجري وراء الحجر ليأخذ ثيابه .. وهكذا ظل موسى (عليه السلام) يجري عُرياناً خلف الحجر .. والحجر يطير بثيابه حتى بلغ موسى (عليه السلام) المكان الذي يجتمع فيه الناس فنظروا إليه فوجدوه سليم الجسد قوي البنية ليس به عيب في جسده فزالت تلك الإشاعة الكاذبة التي رماه بها هؤلاء الجهلة .
وهنا توقف الحجر وأخذ موسى (عليه السلام) ثيابه ولبسها ثم أخذ عصاه وأخذ يضرب بها الحجر ضرباً شديداً بسبب ما فعله معه .
ومع أن نبي الله موسى (عليه السلام) يعلم يقيناً أنه حجر لا يعقل لكنه ضربه لأنه فعل أمراً لا تفعله الحجارة أبداً .
والعجيب أن عصا موسى (عليه السلام) رغم أنها كانت من الخشب إلا أنها أثرت في ذلك الحجر وتركت به آثاراً بعدد تلك الضربات التي وقعت عليه من عصا موسى (عليه السلام) .
وفي هذه يقول الله تعالى : {{ يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها }} .
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه القصة فقال : ( إن موسى كان رجلاً حييّاً ستّيراً لا يُرى من جلده شيءً إستحياءً منه ، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل ، فقالوا : ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده ، إما برص ، وإما أُدرة ، وإما آفة .
وأن الله أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى ، فخلا يوماً وحده فوضع ثيابه على الحجر ، ثم اغتسل فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها وإن الحجر عدا بثوبه ، فأخذ موسى عصاه فرأوه عرياناً أحسن ما خلق الله ، وأبرأه مما يقولون ، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه ، وطفق بالحجر ضرباً بعصاه فو الله إن بالحجر لندباً من أثر ضربه ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً فذلك قوله {{ يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها }} .
** الدروس المستفادة ** :
1- أن الحياء خُلق عظيم من أخلاق الإسلام فينبغي على كل مسلم أن يتصف بصفة الحياء لأن الحياء كله خير .
2- أن الفُساق والجُهال يؤذون الصالحين ويثيرون حولهم الشائعات والأكاذيب في كل زمان ومكان .
3- أن المسلم لا ينبغي عليه أبداً أن يهتم بتلك الشائعات التي تُقال في حقه ، بل ينبغي عليه أن يستمر في طاعته ودعوته ولا يتلفت أبداً حتى يستمر في نجاحه .
4- أن الله يدافع عن الذين آمنوا ، ولذلك هيأ الله الأسباب التي كانت سـبباً في زوال تلك الإشاعة .
(( قصص الرسول صلى الله عليه وسلم ))