لم أُعجَب به على الفور إذ لم يكن من أسمّيه "فارس أحلامي". أمّا هو، فلحظة دخولي محلّه مع أمّي، وقَعَ تحت سحر جمالي.
كنتُ في التاسعة عشرة مِن عمري، وكانت الدّنيا للتّو قد فتحت لي ذراعيَها. وبالطبع لم يكن مستعدًّا للتخلّي عنّي، بعدما وجَدَني، فطَلَب مِن والدتي الإذن بمكالمتي. ومع المواعيد واللقاءات دخَلَ عصام قلبي. وبعد ثلاثة أشهر أصبحتُ زوجته.
في البدء سكنّا مع حماتي التي كشأن الكثير مِن الحموات لم تحبّني. ولولا وقوف زوجي إلى جانبي، لكانت تلك المرأة قد خَرَبَت سعادتي.
وتتوّجَت حياتي الزوجيّة بإبن جميل ولحقَه أخوه بعد خمس سنوات. كنتُ قد اعتدتُ على مناكفات حماتي، ولكنّني طِرتُ مِن الفرح عندما انتقلنا للعيش بعيدًا عنها في شقّة لطيفة للغاية. وفي تلك الفترة، سألتُ نفسي هل أحتاج إلى أكثر ممّا لدَيَّ... وكان الجواب: لا.
لم أكن أدري آنذاك أنّ حياتي ستنقلب رأسًا على عقب، وأنّ حماتي ستبدو كالحمل الوديع أمام أفعى إسمها منال.
ولم أرَ الخطر الذي كانت تمثّله منال، ربّما لأنّها كانت مجرّد مراهقة غارقة في الحزن والضياع. فقد كانت تلك الصبيّة إبنة صديقتي وجارتي العزيزة التي أصيبَت بداء السرطان وتوفّيَت بأوجاع لا تُحتمَل. وقبل أن تغادر الدنيا قالت لي:
ـ أنتِ بمثابة أختي... صحيح أنّني أكبركِ سنًّا، ولكنّنا تقاسمنا الحلو والمرّ وأجمل أيّامي قضَيتُها برفقتكِ... أنا راحلة...
ـ لا تقولي هذا، أرجوكِ! قد يعطي علاجكِ النتائج المرجّوة... لا تيأسي!
ـ كلنّا سنموت يومًا، يا حبيبتي... ولكنّي أخشى على منال... المسكينة... أبوها في الخارج والله يعلم إنّ كان سيرعاها كما يجب... وأخوها غير مبالٍ... ليس لي سواكِ، يا صديقتي، لأسلّمها أغلى ما لدَيّ... خذي بالكِ منها وكأنّها إبنتكِ أو أختكِ... عِديني!.